الحرية في الفلسفة الوجودية "جون بول ساتر" أنموذجا

Abstract

تعد الحرية من الأفكار الجوهرية في الفلسفة الوجودية ، فقد وحدت بين الوجود الإنساني والحرية، وهي في ذلك ترتد إلى جذور اجتماعية واقتصادية وسياسية وترتبط بظروف التقدم العلمي ، وتعكس أحداث العصر في المجتمع الغربي المعاصر. وفي هذه المذكرة نعرض نموذجاً، لأحد أقطاب الوجودية في تناوله للحرية المعاصرة، وهو الفيلسوف الفرنسي جان پول سارتر وكيف صور لنا الحرية كتعبير عن ثورة الفرد وتمرده على قيود الحضارة. حيث صاغ سارتر فلسفته الوجودية ، حول محور أساسي يتمثل في تأكيد الفردية ودعم الحرية، ويتلخص رأيه في ثلاث قضايا فلسفية أساسية مترابطة هي :( 1- الإنسان حر حرية مطلقة ، 2- الإنسان مسؤول عن أفعاله ويتحمل نتائجها ،3- نشوء القلق كنتيجة لمسؤولية الاختيار لدى الإنسان). - أولا: الإنسان حر حرية مطلقة ، لأن وجوده أسبق من ماهيته: فقد أكد سارتر الحرية الطبيعية للإنسان، فهو الذي يصنع بنفسه هذه الحرية، و يختار بنفسه ماهيته الخاصة به وصفاتها المميزة لها، دون أي ان يجبره أحد. - ثانيا : وينتج على ذلك أن الإنسان يصبح مسؤولاً عن أفعاله و عليه أن يتحمل نتائج أفعاله ومسؤولية تلك الحرية ، لأنه بدون تحمل المسؤولية فإن الحرية التامة للفرد ، سوف تؤدي إلى نوع من الفوضى و ودمار للمجتمع، ويقول ساتر في هذا: » إذا كان الوجود أسبق من الماهية فالإنسان يصبح مسؤولا عما هو عليه« . أي أن الحرية الكاملة تستتبع المسؤولية الكاملة - ثالثا : ونتيجة لمسؤولية الاختيار يتولد القلق لدى الإنسان ، إن حرية اختيار الفرد لفعل معين، وما سوف يرتبط بذلك من تحمل للمسؤولية عادة ما يؤدي إلى تولد القلق والخوف من نتائج هذا الاختيار وتلك المسؤولية. إن هذا القلق شيء طبيعي في حياة الإنسان الحر المسؤول، لكن ساتر يقول : «إن القلق الذي نعنيه هنا ليس هو القلق الذي يؤدي إلى الاستكانة واللافعل«، وعلى هذا فإن الإنسان يظل طوال حياته يعيش في قلق دائم طالما أنه حر يختار ويتحمل مسؤولية اختياره . وتتلخص ميزات هذه الحرية في مايلي : - الإنسان مشروع يصنع نفسه- مسؤولية الإنسان- - الإنسان يختار ذاته ويختار بقية الناس - القلق وارتباطه بالاختيار والمسؤولية. ولابد من القول أن الحرية عند سارتر، وجدت ترحيبا كبيرا من المجتمعات سواء غربية أو عربية ، بالرغم من الإنتقادات الموجهة لها، نظرا لتعطش الناس للحرية، في ظل الحروب والأزمات الإنسانية، فالحرية إذن هي في صميم وجود الإنسان و ماهية الإنسان معلقة بوجوده، فالحرية هي في صميم الوجود وتسبق الماهية.