النزوع نحو الهجرة غير الشرعية وعلاقته بمتغيري جودة الحياة وحسن الحال النفسي لدى الشباب

Abstract

كشفت نتائج هذه الدراسة الميدانية أن فئة الشباب في الجزائر تعاني من تدنٍ ملحوظ في جودة الحياة وضعف في مستوى حسن الحال النفسي، مما يعزز من احتمالية توجههم نحو خيار الهجرة غير الشرعية كحل بديل عن واقعهم المعيشي والنفسي. فقد تبيّن أن اختلالات جودة الحياة مست جوانب متعددة، من بينها الجانب البيولوجي الذي يتمثل في الإهمال الصحي وغياب المرافق الترفيهية والرياضية، والمعرفي من خلال تراجع في الكفاءات والمهارات الذهنية، والبعد النفسي المرتبط بفقدان الشغف وتزايد الشعور بالعجز، فضلًا عن البعد الاقتصادي المتمثل في البطالة والفقر، ما أدى إلى فقدان الأمل في بناء مستقبل داخل الوطن. أما على مستوى حسن الحال النفسي، فقد أبرزت الدراسة تدهورًا واضحًا في أبعاده الأساسية كما صاغها نموذج كارول ريف، حيث سجلت الحالة غيابًا لتقبل الذات، ضعفًا في الاستقلالية المالية والاجتماعية، سيادة العلاقات النفعية، غياب بيئة داعمة، شعورًا بالاغتراب، وغيابًا لفرص الإسهام المجتمعي، مما يكرّس هشاشة في التماسك الاجتماعي. وقد تجلت هذه المؤشرات بوضوح في الحالة الميدانية التي تناولناها، حيث عبّر الشاب محل الدراسة عن رغبته في "الحرڨة" منذ سن المراهقة، حين بدأ يعي الواقع المحيط به ويشاهد حالات يومية لشباب يلقون نفس المصير، ما جعله يرى في الهجرة غير الشرعية المخرج الوحيد لتحقيق ذاته .وتكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تدمج بين البعد النفسي والاجتماعي ضمن مقاربة عيادية تحليلية حديثة، تسعى إلى فهم العوامل الخفية التي تدفع بالشباب نحو هذا السلوك، بدلًا من الاقتصار على التفسيرات الاقتصادية والسياسية التقليدية، وعليه توصي الدراسة بضرورة تحسين جودة الحياة من خلال توفير بيئة معيشية عادلة، وفضاءات تعليمية وثقافية ومهنية ملائمة، إلى جانب دمج برامج الصحة النفسية ضمن السياسات العمومية، مع التركيز على أبعاد حسن الحال كالنضج الشخصي، الاستقلالية، تقبل الذات، والعلاقات الإيجابية، حتى يشعر الشاب داخل وطنه بأنه يستحق الحياة الكريمة، السعادة، الحرية، والعدالة، وهو ما من شأنه أن يُضعف دوافع الهجرة غير الشرعية ويدعم استقراره النفسي والاجتماعي