التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس في الفترة المعاصرة 1875-1939 م

Abstract

في الوقت الذي وقعت فيه الجزائر ضحية الاستدمار الفرنسي، استطاعت تونس الاستفادة من مشروع خير الدين الإصلاحي الذي شمل مجالات عديدة ،منها المجال الثقافي والفكري والذي سعى من خلاله إلى إبعاد تونس عن دائرة الأطماع الأجنبية، إلا أن ذلك لم يقف عائقا أمام المخطط الاستعماري الفرنسي الرامي إلى بسط نفوذه على كامل المغرب العربي وعزل شعوبه عن بعضها البعض، لكن العامل الحضاري تجا وز الحواجز التي سعت إلى إحداث قطيعة بين الشعب الجزائري ومحيطه العربي والإسلامي عامة والمغاربي خاصة، وخير دليل على ذلك استمرار التواصل الثقافي بين الشعبين الجزائري والتونسي والذي تطرقنا إلى مظاهره في بحثنا، خلال الفترة محل الدراسة وكذا إسهامات مثقفي البلدين في تفعيله.أن شكل الاستعمار اختلف في القطرين "الجزائر وتونس" بين احتلال استيطاني استهدف الأرض والإنسان، ونظام الحماية، إلا أن ذلك لم يمنعه من مصادرة الحقوق الوطنية لأبناء الشعبين الجزائري والتونسي ،وتحريدهم من ممتلكاتهم وحرمانهم من حق التعلم ،رغم إدعائه بأن رسالته حضارية هدفها تنوير الجزائريين والتونسيين.مثل التعليم أبرز القضايا التي ركز عليها المصلحون والعلماء مع اتخاذ النشاط الصحفي وإنشاء الجمعيات والنوادي، وكذا النشاط المسرحي آليات للنهوض بالأمة وتفعيل التواصل الثقافي بين أبناء الشعبين للتصدي لمخطط الاستلاب الثقافي الذي استهدف الأمن الهويّاتي لكليهما.أن التواصل الثقافي بين الشعبين الجزائري والتونسي ليس وليد ظروف سياسية آنية، بل هو موغل في أعماق التاريخ وعلى مدى العصور كرسته الوحدة الجغرافية واللغوية والصلات الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، وهذا ما جعل تونس مقصدا للجزائريين الذين تعلقوا بالإشعاع الفكري المنبعث من منارات العلم في تونس، ومما عمق الشعور بالارتباط بين الشعبين رغبة الكثير من علماء غير المشروطة لمواجهة ممارسات الاستدمار التجهيلية.وأخيرا فإن مسألة التواصل الثقافي بين الشعبين الجزائري والتونسي تشكل مجالا خصبا لدراسات مستقبلية لذلك يبقى التساؤل مطروحا: كيف يمكن للأجيال الحالية استثمار هذا الإ رث الثقافي المشترك لمواجهة مخاطر العولمة، واتخاذه أرضية حقيقية لبناء وحدة مغاربية فعالة؟.