السياحة التاريخية بمنطقة تيهرت

Abstract

تتمتع تيهرت بإرث حضاري عريق وتراث تاريخي غني يجعلها من أبرز المناطق ذات الأهمية التاريخية في الجزائر، إذ يكشف موقعها الجغرافي عن معطيات طبيعية وتاريخية متميزة، ساهمت في جعلها مهداً لحضارات متعاقبة منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث شكلت بيئة ملائمة لاستقرار الإنسان القديم بفضل مناخها المعتدل وتوفر المياه والمجال الطبيعي الخصيب. وقد مرت المنطقة بعدة فترات حضارية تركت بصمتها من خلال آثار ومعالم ما تزال قائمة إلى اليوم، من أبرزها موقعي تاقدمت ولجدار اللذَين يُعدّان من أعظم الشواهد على تطور العمارة الإسلامية في شمال إفريقيا، حيث يمثلان تحفاً فنية فريدة تجمع بين البعد الجمالي والقيمة التاريخية والدينية، وهما شاهدان على ازدهار تيهرت خلال عصور إسلامية مختلفة شهدت استقراراً سياسياً ونشاطاً علمياً وثقافياً لافتاً. هذا الغنى الحضاري يجعل من تيهرت وجهة واعدة في مجال السياحة التاريخية، إلا أن هذا المجال لا يزال يعاني من نقص في التهيئة والترويج، ما يحول دون استغلاله بالشكل المطلوب. ومن هذا المنطلق، يبرز دور السياحة التاريخية كرافد مهم للتنمية المحلية المستدامة، من خلال استقطاب الزوار، وتنشيط الاقتصاد المحلي، وتعزيز الهوية الثقافية للمنطقة. لذا تبرز ضرورة تبني سياسة متكاملة لحماية المواقع الأثرية وترميمها وفق معايير علمية دقيقة، إلى جانب توفير مرافق وخدمات سياحية ملائمة، وتنظيم أنشطة ثقافية وتوعوية تبرز القيمة التاريخية لهذه المعالم، مع إشراك المجتمع المحلي في عمليات الترويج والحفاظ. إن تطوير السياحة التاريخية بتيهرت لا يمثل فقط استثماراً اقتصادياً، بل هو أيضاً مساهمة في صون الذاكرة الجماعية وإبراز مكانة المنطقة في مسار الحضارة الإنسانية