العامة والإتجاهات الفكرية بالأندلس على عهد الخلافة

Abstract

هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على العامة والاتجاهات الفكرية بالأندلس على عهد الخلافة، لتبيين أهميتها المجتمعية، وإبراز العلاقة بين العامة الأندلسية ومختلف الاتجاهات الفكرية من خلال رصد مدى الوعي الذي تحلى به العامة في رفض وقبول الأفكار الوافدة على الأندلس، وتأثير ذلك على التركيبة الاجتماعية وحركية المجتمع، فالعامة تعتبر من ضمن الطبقات المنتجة التي لها دور بالغ الأهمية في تحمل ثقل النشاط الاقتصادي في كونها تمثل السواد الأعظم من المجتمع. وقد تنبه خلفاء بني أمية بالأندلس بضرورة السيطرة على العامة بالأندلس نظرا لخطورتها في حال وقعت تحت تأثير آراء وأفكار مناوئة للسلطة، فكان اتحاد السلطة السياسية والفقهاء المالكية مشروعا يقوم على عمل دائم في ضبط ومراقبة هذه الطبقة والحول دون أن تقع تحت تأثيرات خارجية، ونذكر على سبيل المثال الرقابة الدينية التي فرضها فقهاء المالكية على علماء الحديث رغم توليهم مناصب عليا في الدولة، وعملوا على إيجاد وسيلة للقطيعة بين العامة وعلماء الحديث للتحكم بالتوجهات الفكرية للعامة، رغم ذلك لوحظ تمتع علماء الحديث بحظوة ومكانة رفيعة عند العامة نتيجة للتقرب منهم وخدمة لمصالحهم، ولم يقتصر ذلك علة علماء الحديث فقط، فقد كان هذا النمط سائدا على معظم الأعلام التي تنال حظوة عند العامة مهما كان توجهها الفكري. يستخلص مما سبق أن العوام الذين ساهموا في صناعة التاريخ قد همشوا من قبل الحكام الذين سرقوا هذا التاريخ ونسبوه لأنفسهم، بفضل مؤرخي البلاط، كما همشوا من قبل الدارسين المحدثين الذين استقوا مادتهم التاريخية من الحوليات الرسمية ليس إلا، وأغلقوا المظان الحقيقية لتاريخ العوام لجهل بها أو نتيجة نظرة استغلالية صرفتهم أصلا عن التأريخ للعوام، ولا يزال هذا الحقل التاريخي يحتاج إلى الكثير من النبش والتفتيش في أمل الحصول على مادة علمية في مصادر مدفونة.