صورة المرأة في الرواية الجزائرية المعاصرة رواية زارة الحب المقدس "لمحمد بن زخروفة" -أنموذجا-

Abstract

فرضت الحياة على الإنسان مواقف صعبة، حيث في مرات عدّة يستطيع مجابهتها، وفي أخرى عكس ذلك، فحينما يكون الحب نابعًا من إحساس جميل ثمنا لتضحية، هكذا ارتأى محمد بن زخروفة في تقديم رواية" زارة الحب المقدس "مع الحفاظ على الطابع التّاريخي للعمل، إذ يروي قصّة حبّ تجمع بين زهرة ومهدي القاطنين بإحدى قرى الشرق الجزائري المحتلة من طرف الاستعمار الفرنسي، وقد جعل الأحداث جلية المظاهر، من الاضّطهاد والعبوديّة والخيّانة والظّلم في تلك الفترة، وكما أشار المتحدّث في منشورة له على أن غلاف الرواية، يفكر في أن يجعل الماضي مسودّة يرفع بها الحاضر، ويتكئ على جانبيه المرور الطيب كلما مرت عليه ذكرى في أوقات خلوته مع نفسه وحنينه إلى الماضي بكل عيوبه ونقائصه، كما يصور لنا مزيجا من الحب والتضحية، بقوله:" حين يقدس الحب الذي يجمع قلبين تنصهر الحواجز بين الارواح فيتآلف ما اختلف بينهما ويحسم السباق نحو الإيثار" بحيث اجتهدت زهرة بأن تتقمص دورًا نضالياً دنسه الآخرون بأبشّع أشّكال الذّل والتعذيب والإجحاف في حق المواطنين، وشعب طالما أراد الاستقلال، وكان غرضها أن تحمل الفتى الشجاع على خوض معركة ضد العدو، وأثناء حقبة الاحتلال تتأمل زهرة حقيقة أولئك الرجال المسلحين الذي كان هدفهم عكس ذلك، فلا تجد في رجال القرية أحدا يحمي هذه الأرض، لأنهم اعتادوا حياة العبوديّة، ولم يرسموا طريقاً جديداً لأنفسهم لتشجع أنوار الحريّة في زهرة، وتبذل جهدا إلى شّحن إرادة مهدي للمقاومة حيث واصل هذا الأخير نضاله دون أن يعلم أحدًا بذلك، ليقع في لحظة في شباك المستعمر الذي حوله الى سجن أمزيان بقسنطينة المعدوم من أدنى مظاهر الإنسانيّة، وفور سماع زهرة بما حل بمهدي تستغيث لإنقاذه تاركة أهلها وقريتها نحو وجهة أخرى، وفي لحظة مرغمة تخاطر بالزّواج من ضابط توماس في سبيل إنقاذ مهدي، وعندئذ لم ينتبه البطل المقدام أنها ضحت لأجله، راحت في وقت متأخر ظنا منه عندما سيعود سيجد حب طفولته بانتظاره في الريف الذي شكل نقطة انطلاق تطور العلاقة بينهما، ليصطدم بفراقها إلى الأبد، وعند استقلال الجزائر كتب مهدي ما وقع في حياته في صفحات ممزوجة بين الألم والشوق، عن أنثى علمته كيف يخطو نحو هدفه، وقد جسدها في تسمية ابنته زهرة باسمها لتتم الفتاة وصية أبيها بأحرف من ذهب، فلو لم تكن زهرة الحبّ الطاهر لمهدي لما سلمت نفسها للعدو الذي انتهك حريّة وطنها وأسلافها. وعليه فإن فنية الرواية تكمن في إعلان الجهاد في سبيل الله وحماية الوطن، وفضل المرأة التي ساندت شعبها ووطنها بكل ما تملك من روح التضحية.