جـدليـة النمـوذج الإرشـادي "الجـذر الأصـلي" في مجال دراسات المعرفة السياسية

Abstract

لعبت التوجهات المنهجية وبالأخص النزعات العلمية والكمّية دورا مهما في تطور علم السياسة من خلال مفاهيم النماذج المعرفية الإرشادية التي هيمنت في مراحل زمنية مختلفة من التطور الذي حكمته نمطية الصراع بين الباحثين في مجال المعرفة السياسية ككل، وهذه النماذج الإرشادية كانت محصلة طبيعية لمنعطفات علمية وموضوعية حدثت في الحقل خاصة بعد محاولة علماء السياسة توظيف تفسيرنظرية "توماس كوهن" لكيفية تطور المعرفة، والذي خالف فيها النمطية التي كانت سائدة قبل القرن العشرين والتي كانت تنظر إلى ذلك التطور على أنه يأخذ نمطية التراكم والتواصل، في حين أن التفسير الجديد الذي طرحه هذا المفكر يرى أن التطور لا يحصل إلا من خلال ثورات معرفية متعاقبة ومنفصلة عن بعضها، والسبب الرئيسي في حدوث ذلك هو الأزمة التي تحدث داخل مجتمع البحث العلمي الذي كان متفقاً على أسس وقواعد علمية وبحثية معينة تشكل ذلك المجتمع، وهذه الأزمة هي بسبب عجز النموذج المعرفي السائد في ايجاد الحلول المناسبة للإشكالات التي تطرأ على الحقل المعرفي. وقد حاول علماء السياسة في كل مرحلة من مراحل تطور الحقل ترسيخ نموذجهم المعرفي خاصة مع النزعة العلمية في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أن السمة الغالبة التي ميزت الحقل هي عدم الإستقرار خاصة في ظل تصارع النماذج المعرفية بين دعاة النزعة المعيارية وقولهم بالتعدد وعدم التركيز البحثي أو المنهجي، وبين دعاة النزعة العلمية الإمبريقية وقولهم بالتركيز البحثي وأسبقية الإتجاه المنهجي على الإتجاه الجوهري أو الموضوعي في البحث، وهو الأمر الذي خلق حالة من الجدال والسجال المعرفي بين علماء السياسة ومحاولة كل نموذج معرفي السيطرة على مفاصل علم السياسة.